لقاء في حزب: التجربة الأولى

*شهد العدوان: مجلة الوعي السياسي

إنه الاجتماع الثاني وثالث مرة ادخل إلى مقر الحزب، لم يدفعني لهذا إلا الفضول، على العموم هو واحد من أكبر الأحزاب الإسلامية المعارضة في الأردن، وأهم سؤالين بحثت عن إجابات لهم: طريقة وآلية العمل التي تمكنهم من إقناع الآخرين، وما ترتيب المثلث الهرمي لتنظيمهم ؟

كل هذا جاء بعد أن تابعت عمل الكتلة النيابية المكونة من نواب الحزب التي تعتبر قوية جدًا، وقد لفتت نظري وأثارت إعجابي مع وجود القليل من التحفظات، وللمصادفة وجدت القطاع الشبابي التابع للحزب يطرح مشروعًا تدريبيًا للشباب، ينتهي بأن يرافق كل شاب نائب من نواب هذه الكتلة التي كنت قد عبرت عن إعجابي بعملها، تقدّمت للمشاركة بالتدريب ومعي 105 شاب وشابة، وكان لابد أن نجتاز مرحلتين، الأولى اختبار معلومات ونجح به 53 شخص، وتأهلت برفقتهم  للمرحلة الثانية “المقابلات” واختارو من بين الـ 53 شاب وشابة 24، وللحقيقة سعدت أني كنت ممن اختاروهم للمشاركة في هذا المشروع الذي قد يكون رحلة في سراديب قلعة الإسلام السياسي.

اللقاء الاول كان تعريفي حيث استقبلنا “أمين عام الحزب” رحب بنا ترحيبًا حارًا جدًا، حيث بين أهميتنا للوطن والأمة الاسلامية كشباب، ومن هنا أصبحنا مهمين للحزب مما دفعهم لتكوين قطاع كامل يهتم بشؤون الشباب، على عكس الآخرين الذين يدّعون اهتمامهم ولا يُرى ذلك على أرض الواقع، وفي تفاصيل برنامج الزمالة مع النواب، حددنا موعد اللقاء القادم بعد سبعة أيام.

في تلك الفترة التي فصلت اللقاء الأول عن الثاني؛ عُقد اجتماع “أونلاين” للحديث عن الدستور الأردني بشكل عام ومجلس النواب بشكل خاص، حتى تكون هذه الجلسة تمهيدا للجلسة الوجاهية، وللعلم خلال ذلك الأسبوع كان شغلي الشاغل هذا التدريب، فأنا أحاول معرفة تداعياته وآثاره، لا أخفيكم، هناك بعض التخوف من أن أتعرض لبعض الاسئلة من “الجهات الأمنية” أو أن أحسب بطريقة أو أخرى على تيار الإسلام السياسي “الإسلاميين” وأنا في الأصل “قليلة الاهتمام بالتديّن” ويجب ذكر أنني لست متأكدة من مدى مصداقية نظرية “النقطة السوداء” التي تلاحق أصحاب العلاقة مع هذا النوع من الأحزاب التي شكلت هاجساً ليس لي فقط .

يشجع الجو العام الآن  في الأردن وبقوة على الانخراط في الأحزاب والأعمال المنبثقة عن الأحزاب بغض النظر عن كل هذه المخاوف، فقد قررت باجتهاد شخصي أن أستشير بعض الأصدقاء بهذا الشأن، وجميعهم لم ينصحوا بالاستمرار، لكن في النهاية دفعني حماس وفضول الشباب دفعة قوية متكئةً على مقولة “لا عاش الجبان يوما”.

تواجدت بمقر الحزب في الساعة المتفق عليها، وأول من خلق معي حواراً كان أحد القيادات الشبابية في الحزب، تجاذبنا أطراف الحديث وأنهى الحوار بجملة حول اسم عائلتي: “عدوان: شدي حيلك بلكي نزلتي معنا لا مركزية” ضحكت ضحكة صفراء يعتليها التفاجؤ.

افتتحت الجلسة بالتعريف بالمحاضر وأنه محامي وهو “مدافع شرس عن نقابة المعلمين”، كان مطلع محاضرة المدافع الشرس هو سؤال  فلسفي “هل يتعارض الدستور مع القرآن؟” مستنداً على عبارة “القرآن دستورنا”.

ليس للبدايات أية أهمية على كل حال، كانت الجلسة عبارة عن أسئلة واستفسارات تطرح على المحاضر ولا أنكر إعجابي بكمية الأسئلة الدقيقة والصعبة، بضعها كان على المحامي مع الإشارة إلى أن أغلب المتدربين ليسو من اصحاب الاختصاص ولا من حملة الشهادات في تخصصي القانون أو السياسة، ومع ذلك تطرقوا لمناقشة الحصانة النيابية، و آلية ومراحل إصدار القوانين، مهام ديوان التشريع والرأي، دستورية محكمة أمن الدولة، الإرادة الملكية وإشكالياتها.

وفي واحدة من المحاور السابقة التي تم ذكرها، ذُكرت الإرادة الحرة للمجلس، فضحك الموجودين “الاسلاميين” إستهزاءً لم يخطر ببالي سوى سؤال “ما أخبار الإرادة الحرة لنواب الحزب ؟”.

وعلى ذكر مجلس النواب، هل لاحظتم أنه وفي الآونة الأخيرة، أصبح كل مجلس ينتخب يقر قانون انتخاب جديد؟ في حال استثناء المجلس الثامن عشر والتاسع عشر “الحالي”! مما يقودنا إلى تأكيد المدافع الشرس على أن المجلس سوف يماطل قدر المستطاع في المصادقة على تعديلات القوانين المنبثقة عن اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية كون المصادقة علية ولو كانت في مصلحة الجميع تعد مقتلا له .

ومن الطبيعي في اجتماع كهذا أن نعرّج بطريقة ما لموضوع نقابة المعلمين ومدى دستورية الحل، وعرض علينا التسلسل التاريخي لمواقف الدولة “المتارجحة” ما بين دستورية النقابة وعدمها، حتى وصولنا إلى عامنا هذا، أي بعد عشر سنوات من إعلان دستورية النقابة، ليتم مرة اخرى الطعن في هذه الدستورية ومحاولة تفكيك النقابة وحلها.

انتهت الجلسة الثانية بالتخطيط لموضوع وموعد الجلسة القادمة، قبل أن أخرج من الحزب سألت الشخص المعني عن امكانية كتابة بعض المقالات عما يدور في هذه الجلسات، ولم يعارض مشكورا.

في المقالة المقبلة سنكمل الجزء الثاني من التجربة …

__________________________________

* كاتبة أردنية، ناشطة سياسية، حصلت على درجة البكالوريوس بتخصص الحقوق من الجامعة الأردنيَّة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى